احتفل العالم بأسره في شهر نوفمبر الماضي الموافق لشهر رجب 1419ه بأسبوع التوعية بمرض السكر, وقد كانت المملكة إحدى دول العالم التي شاركت بهذا الاسبوع للتعريف بما يمثله هذا المرض من خطر كبير ومشاكل لا حدود لها, ويقدر عدد المصابين بهذا الداء في العالم اليوم بما يزيد على المائتي مليون 200 مليون شخص, وهو عدد مرشح للزيادة وبنسبة كبيرة في السنين القادمة.
والسكري له آثار سيئة صحيا واجتماعيا واقتصاديا, فآثاره الصحية المدمرة تشمل كل أعضاء الجسم بلا استثناء وبخاصة القلب والكليتان وشبكية العين والأعصاب المركزية والطرفية.
فعلى صعيد القلب والأوعية الدموية يؤدي السكر الى إقفال الأوعية الدموية في سائر أنحاء الجسم ومنها شرايين القلب مما يؤدي الى الاصابة بجلطات القلب مما قد يؤدي الى الوفاة, وإقفال الشرايين الطرفية في القدمين مثلا يجعل من الصعوبة بمكان التئام أي جروح او تقرحات قد تحدث في القدمين وذلك لعدم وصول الدم بصورة كافية الى هذه الجروح.
وكونها عرضة للاصابة بالالتهابات البكتيرية والفطرية وقد يؤدي ذلك الى الاضطرار لبتر الاصابع او القدمين في حالة تطور الحالة الى الاصابة بالغرغرينا, ويعتبر السكري السبب رقم واحد لبتر الأطراف غير الناتج عن الإصابة بحوادث السيارات او غيرها من الحوادث.
وكذلك فإن السكري هو السبب الأول في الاصابة بالفشل الكلوي ويكفي الاطلاع على إحدى وحدات غسيل الكلى في أي مستشفى للتأكد من ذلك, اضافة لذلك فإن هذا المرض هو سبب رئيسي من أسباب الاصابة بالعمى لما له من تأثير سيىء على شبكية العين قد ينتج عنه حدوث نزيف في العين وانفصام الشبكية.
والسكري داء مكلف جدا على الصعيد الاقتصادي فمريض السكري يحتاج الى متابعة دائمة وزيارات متكررة للعيادات ومراكز العناية بالسكر، ويحتاج الى أجهزة قياس للسكر، وأدوية مختلفة لعلاج المرض او علاج ما قد ينتج عنه وما قد يصاحبه من اختلالات وتغيرات في ضغط الدم ومستوى دهنيات الدم او اية مضاعفات اخرى على القلب والكلى والأعصاب,, الى آخره, وقد كانت للشؤون الصحية في الحرس الوطني مشاركة بناءة في المجهود الذي بذل للتعريف بهذا الوباء.
فقد اقيمت في مستشفى الملك فهد للحرس الوطني خلال الأسبوع محاضرات متواصلة باللغة العربية ولكلا الجنسين شملت جميع أوجه الرعاية المطلوبة لمريض السكر في مجال متابعة وعلاج المرض وما يصاحبه من أمراض او مضاعفات, واقيم على هامش الأسبوع معرض طبي وتعليمي كبير شارك فيه العديد من المؤسسات والشركات الطبية عرضت خلاله أحدث ما تم انتاجه من أجهزة قياس سكر الدم والعديد من المنتوجات الأخرى المساعدة للمحافظة على مستوى السكر والتقليل من آثاره السيئة على المدى البعيد, وتم خلال الأسبوع توزيع العديد من الكتيبات والمنشورات للتعريف بالمرض الى جانب أشرطة الفيديو التعليمية وأجريت كذلك العديد من المسابقات ما بين الحاضرين وتم توزيع العديد من الهدايا شملت الكثير من اجهزة قياس سكر الدم مع شروحات مفصلة لكيفية عملها وما تحتاجه من المستلزمات لاجراء قراءة صحيحة لمستوى سكر الدم.
وأجدها فرصة لكي أتوجه الى اعزائنا وأحبائنا من مرضى السكر بهمة صغيرة على قدر كبير من الأهمية لما لها من تأثير كبير على صحة المريض, ان الواجب الأول الذي يجب على مريض السكر عمله والحرص عليه هو المحافظة على نسبة سكر الدم ضمن او قريبة من المستوى الطبيعي.
فلقد اثبتت الدراسات المختلفة في هذا المجال بما لا يدع مجالا للشك بأن المحافظة على نسبة السكر في الدم قريبا من المعدل الطبيعي يحمي بإذن الله او يقلل بنسبة كبيرة من فرصة حدوث المضاعفات السيئة للمرض على الاعصاب والقلب والكلى والعينين وكافة أجزاء الجسم الأخرى.
عزيزي مريض السكر فليكن هدفك الأول هو ما اسلفت سابقا: حافظ على سكر الدم لديك قريبا من المستوى الطبيعي، وتجنب الارتفاع المزمن للسكر، ان هذا الهدف المطلوب من مريض السكر ليس بالشيء الهين، خصوصا أن الكثيرين اصبحت لديهم عادات غذائية وحياتية غير صحية نشأوا عليها وتعودوا عليها سنين عدة وها نحن نطلب منهم الآن ان يغيروا كل ذلك, نطلب من مريض السكر أن يغير نظام حياته، نطلب منه ان يغير نظامه الغذائي، ان يحرص على مراجعة اطبائه، ان يعتني بقدميه ان يحرص على تناول علاجه سواء كان على هيئة أقراص أو إبر الأنسولين وأن يمارس الرياضة بمعدل كذا وكذا، ولكن أليست هذه صحته وإن لم يعتن بصحته فمن سيفعل ذلك ياترى؟
ان المطلوب هو العودة لأساسيات المحافظة على الصحة من الانتباه لما نأكل وما نفعل خلال يومنا العادي، وهذا مطلوب من الجميع سواء كانوا مرضى سكر ام لا.